الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

2011-05-05

صلاح الدق

 الحمد لِلَّهِ الَّذِي خلق كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، الذي أرسله ربه هاديًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا. أما بعد: فإن القرآن هو كلام الله، الذي نزل به جبريل على نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وقد تضمن القرآن الكثير من المعجزات العلمية، التي اكتشفها العلماء في العصر الحديث، فأحببت أن أُذَكِرَ نفسي وإخواني الكرام ببعض هذه المعجزات، فأقول وبالله تعالى التوفيق:

المقصود بالإعجاز العلمي في القرآن

هو إخباره عن حقائق علمية لم تكن معروفة للبشرية يوم نزول القرآن على نبينا - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكتشف العلم هذه الحقائق إلا في وقتنا الحاضر، وهذا الإعجاز العلمي يعتبر دليلاً أيضًا على أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رسولٌ من عند الله تعالى، وأن ما نطق به من حقائق علمية (على أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - كان أميًا لا يقرأ ولا يكتب) دليل واضح على صدق نبوته.

إن القرآن الكريم قد تعرض في نحو من سبعمائة وخمسين آية إلى مسائل هي من صميم العلم، وذكر جانبًا من الحقائق العلمية، كقضايا عامة، ودخل في تفاصيل بعض الحقائق الأخرى، وتلك الآيات هي في مجموعها إحدى نواحي إعجاز القرآن التي ظهرت في هذا العصر.

إن الله قد خلق الإنسان وعلّمه، وأنزل القرآن الكريم على عبده ونبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأخبر سبحانه أنه سيكشف للناس عامة، وللعلماء خاصة حقيقة ما في هذا القرآن من آيات بينات. قال سبحانه: سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الإفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (فصلت: 53). إن الآيات التي سيريها الله لعباده لا تقتصر على فترة زمنية واحدة، ولا على جيل واحد من الأجيال، بل إنها تشمل جميع الأزمان وجميع الأجيال، في دلالة واضحة على أن القرآن الكريم حق من عند الله تعالى. (مجلة الشريعة ـالعدد35 ص29:26).

أهميه الإعجاز العلمي في الوقت الحاضر

يحتاج كثير من الناس في وقتنا الحاضر إلى الإقناع العلمي عند الجدال على الإسلام في وقت تقدمت فيه العلوم تقدمًا أذهل الكثير من الناس، وزلزل عقائد ضعاف الإيمان، وظن هؤلاء أن العقل أصبح قادرًا على كل شيء، وكان جديرًا بهؤلاء أن يزداد يقينهم بالله تعالى عن طريق هذه الاكتشافات، فما العلم إلا وسيلة من الوسائل المهمة التي تعمق الإيمان بالله تعالى.

إن الإنسان المعاصر اليوم في أشد الحاجة إلى يقين ديني يعيد إليه وحدته الضائعة وسعادته المفقودة، وأمنه المسلوب.

وما دامت القناعة المبنية على الحقائق العلمية هي اليوم من أكثر القناعات فاعلية للتحقق من هذا اليقين. وما دام القرآن يمنحنا هذا القدر الكبير المعجز من هذه الحقائق، التي أخذت تظهر كل يوم. فلما لا نتحرك على ضوء الإعجاز العلمي الموجود في القرآن الكريم لإنقاذ هذا الإنسان المعاصر من أزمته بفقدان اليقين؟!

إن الإيمان اليوم لا يقوم على مجرد التسليم أو التخمين أو التقليد، وإنما يقوم أيضًا على الإقناع المبني على العلم، فالعلم هو اللغة التي يفهمها أبناء اليوم، وإذا كانت أوروبا قد تقدمت في مجال العلوم التجريبية تقدمًا هائلاً يصعب علينا نحن المسلمين اللحاق بهم، فلا يفوتنا أن نقدم لهم شواهد علمية جاءت في القرآن قد كشف عن بعضها بعض علماء أوروبا أنفسهم، فذهلوا عندما علموا أن الإسلام قد تحدث عن هذه الحقائق العلمية قبل أربعة عشر قرنًا، وبقيت في القرآن شواهد أخرى مازال العلم عاجزًا عن اكتشاف أسرارها، وسيأتي اليوم الذي يكشف عنها العلم إن شاء الله تعالى. (مجلة الشريعة- العدد ـ35 ـ ص42).

نماذج للإعجاز العلمي في القرآن الكريم

 (1) وحدة الكون:

أظهرت النظريات العلمية الحديثة: أن الأرض كانت جزءًا من المجموعة الشمسية، ثم انفصلت عنها وتبردت وأصبحت صالحة لسكنى الإنسان، ويبرهنون على صحة النظرية بوجود البراكين والمواد الملتهبة في باطن الأرض، وقذف الأرض بين حين وحين بهذه الحمم من المواد البركانية الملتهبة. هذه النظرية الحديثة تتفق مع ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله جل شأنه: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ (الأنبياء: 30). الرتق: الضم والالتحام. الفتق: الفصل بين الشيئين. (التبيان في علوم القرآن للصابوني صـ127: صـ128).

(2) نشأة الكون:

يقول العالم الفلكي جينز: إن مادة الكون بدأت غازًا منتشرًا خلال الفضاء بانتظام، وإن المجموعات الفلكية خُلقت من تكاثف هذا الغاز. ويقول الدكتور جامبو: إن الكون في بدء نشأته كان مملوءًا بغاز موزّع توزيعًا منتظمًا ومنه حدثت عمليات التكوين.

هذه النظرية نجد لها في القرآن الكريم ما يؤيدها، ولولا أن القرآن أخبر عن ذلك لاستبعدنا هذه النظرية، يقول الله تعالى: ثُمَّ استَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (فصلت: 11)

فالقرآن صور مصدر خلق هذا الكون (بالدخان)، وهو الشيء الذي يفهمه العرب من الأشياء الملموسة، أيكون في مقدور أمّيّ، منذ أربعة عشر قرنًا، أن يدرك هذا في وقت كان الناس لا يعرفون شيئًا عن هذا الكون وخفاياه؟!

(التبيان في علوم القرآن للصابوني صـ128: صـ129).

(3) شكل الأرض:

استدارة الأرض تنطق بإعجاز من تعبير: تكوير الليل على النهار، والمعروف أن الأرض ليست كرة تامة الاستدارة بل بيضاوية؛ ومن ناحية أخرى أثبت العلم الحديث أن النسبة بين قطري الأرض تتناقص باطراد؛ وهو ما يشار إليه في القرآن بنقص الأرض من أطرافها. قال تعالى: بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاَءِ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ (الأنبياء: 44). وقال سبحانه: خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى أَلاَ هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ. (الزمر: 5) (كشاف الإعجاز العلمي لنبيل هارون ص42).

(4) الجبال تثبّت الأرض:

قال تعالى: وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ (لقمان: 10)، هذه الآيات تبين لنا دور الجبال بالنسبة للأرض، فقد جعلها الله مثبتات لها حتى لا تضطرب، فهي كالأوتاد التي تمسك الخيمة من الاضطراب والسقوط. ولاحظ العلماء أن امتداد الجبال في باطن الأرض يزيد عن ارتفاعها فوق سطحها، مما يمكّن هذه الجبال من القيام بدورها في تثبيت الأرض، كما تقوم الأوتاد بتثبيت الخيمة. (مجلة الشريعة ـ العدد 35 ـ صـ34).

(5) نقص الأوكسجين في طبقات الجو العليا:

اكتشف العلم الحديث نقص الأوكسجين في طبقات الجو كلما صعدنا لأعلى، فعند ذلك يشعر الإنسان بضيق في الصدر وصعوبة في التنفس. قال تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلاَمِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ (الأنعام:125) (التبيان ـ للصابوني صـ 130).

(6) تقسيم الذرة:

كان العلماء يعتقدون أن أصغر جزء في العناصر هو الذرة حتى القرن التاسع عشر، ثم اكتشفوا أن الذرة تحتوي على أجزاء مكونة لها أصغر منها 1ـ البروتون 2ـ النيترون 3ـ الإلكترون، وبواسطة هذه الأجزاء اخترعوا القنبلة الذرية والهيدروجينية.

قال تعالى: وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (يونس:61) (التبيان للصابوني صـ 129).

(7) ظاهرة الاتزان:

كشفت العلوم أن ظاهرة الاتزان الدقيقة تحكم سلوك شتى النظم الطبيعية والكيميائية والبيولوجية، كما أن الممالك الحيوانية سواء كانت برية وبحرية وطيورًا وحشرات، تحكم بقاءها وفناءها توازنات دقيقة تربط فيما بينها وبين الظواهر الجوية والجيولوجية والنباتية، وهذا الاتزان يوجد كذلك في تركيب جسم الإنسان بحيث يؤدي اختلال أي عنصر من عناصر تكوينه إلى اعتلال صحة الإنسان، وهذا الاتزان تلخصه بدقة تامة آيات الله البينات. قال تعالى: اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (الرعد: 8)، وقال سبحانه: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (الحجر: 21)، وقال جلَّ شأنه: وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (المؤمنون:18) (كشاف الإعجاز العلمي لنبيل هارون ص11).

(8) الزوجية موجودة في كل شيء:

كان العلماء يعتقدون بأن الزوجية (الذكر والأنثى) لا توجد إلا في النوعين الإنسان والحيوان، فجاء العلم الحديث فأثبت أن الزوجية توجد في النبات وكذلك الجماد، وفي كل ذرة من ذرات الكون حتى الكهرباء ففيها الموجب والسالب وحتى الذرة فيها البروتون والنيترون قال تعالى: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (يس: 36) (التبيان للصابوني ص130، 130).

(9) قاع البحار والمحيطات:

أثبتت البحوث الحديثة باستخدام تلسكوبات دقيقة أن أعماق البحار والمحيطات ليست ساكنة، بل تموج بأمواج وتيارات أظلم وأكثف مما بسطحه. وصدق الله العظيم إذ يقول: أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (النور:40) (كشاف الإعجاز العلمي لنبيل هارون صـ 13).

(10) الماء المالح لا يختلط بالماء العذب:

قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (الفرقان: 53)، أثبت العلم الحديث استحالة اختلاط ماء النهر والبحر، وإلا كان أجاجًا، وذلك بفضل خاصية الانتشار الغشائي (الأسموزي) التي تدفع جزيئات الماء العذب إلى الانتشار داخل الماء المالح، وليس العكس، عبر السطح الفاصل بينهما (الحاجز أو البرزخ)، وفي هذا الصدد أيضًا تجدر الإشارة إلى معجزة بقاء ماء البحار والمحيطات دون تجمد؛ إذ يطفو الثلج المتجمد فوقها ليحفظ بقية الماء من التجمد، ويحفظ حياة الأسماك والأحياء البحرية، ولتستمر الملاحة فيه، ويرجع ذلك لخاصية وهبها الله الماء دون سائر المواد الأخرى، إن كثافته تقل (لا تزيد كغيره) بالتجمد (كثافة الثلج أقل من كثافة الماء السائل). (كشاف الإعجاز العلمي لنبيل هارون صـ63: صـ64).

(11) التلقيح بواسطة الرياح:

أثبت العلم الحديث أن الهواء هو الذي ينقل الأعضاء المذكرة إلى المؤنثة في النخيل والتين وغيرها من الأشجار المثمرة، بواسطة الرياح قال تعالى: وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (الحجر:22) (التبيان للصابوني صـ 132).

(12) السحاب:

لقد كشف العلم الحديث أن السحب منها ما هو موجب التكهرب، ومنها ما هو سالب، وعندما تقوم الرياح بدفعها وجمعها سويًا، تتولد الشرارة المؤدبة للبرق والرعد وسقوط الأمطار، وهو ما يتفق مع لفظ القرآن الكريم. قال الله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ (النور:43) (كشاف الإعجاز العلمي لنبيل هارون صـ36).

(13) التقويم الشمسي والقمري:

الفرق بين التقويم القمري والشمسي 10ـ11يومًا في السنة. ومن هنا فإن ثلاثمائة عام شمسية تعادل تمامًا ثلاثمائة وتسعه أعوام قمرية، ومن هنا تتجلى دقة إعجاز التعبير القرآني في قصة أهل الكهف. قال الله تعالى: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاَثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (الكهف:25) (كشاف الإعجاز العلمي لنبيل هارون صـ16).

(14) التربة الزراعية:

من الحقائق الجيولوجية الدقيقة أن التربة الطينية الساكنة إذا ما ابتلت بالماء تتحدد إلى أعلى وتتشقق، فيهتز أسفلها ويتحرك بجذور النبات وشعيراته، فانظر الدقة المعجزة في تطابق ذلك مع وصف قوله تعالى: وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (الحج:5) (كشاف الإعجاز العلمي لنبيل هارون صـ34).

(15) الحيوان المنوي:

اكتشف الطب الحديث أن هذا السائل من منيّ الإنسان يحوي حيوانات صغيرة تسمى (الحيوانات المنوية)، وهي لا تُرى بالعين المجردة، إنما ترى بالمجهر، وكل حيوان منها له رأس ورقبة وذيل يشبه دودة العلق في شكلها ورسمها، وأن هذا الحيوان يختلط بالبويضة الأنثوية فيلقحها، فإذا ما تم اللقاح انطبق عنق الرحم فلم يدخل شيء بعده إلى الرحم، وأما بقية الحيوانات فتموت، وهذه الناحية العلمية وهي أن الحيوان المنوي يشبه العلق في الشكل والرسم قد أثبتها القرآن الكريم. قال جل شأنه: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ *خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (العلق: 1- 2)، فهذه الآية معجزة بليغة من معجزات القرآن لم تظهر وقت نزولها ولا بعده بمئات السنين إلى أن اكتشف المجهر، وعرف كيف يتكون الإنسان بقدرة الله. (التبيان في علوم القرآن للصابوني صـ132).

(16) مراحل نمو الجنين:

قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ (الحج: 5).

من أبلغ آيات الله المبهرات في كتابه الكريم، ذلك الوصف التشريحي الدقيق لمراحل تكون الجنين منذ كان نطفة، تطورت إلى علقة، ثم مضغة مخلقة وغير مخلقة، ثم نشأة العظام وكسوتها باللحم حتى بدايات الحركة والحياة قبل الخروج إلى العالم. (كشاف الإعجاز العلمي لنبيل هارون صـ19: صـ20).

(17) مدة الحمل:

قال تعالى: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ (البقرة: 233)، وقوله جل شأنه: وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ (لقمان: 14)، ثم جاءت آية سورة الأحقاف تجمع الحمل والرضاع بثلاثين شهرًا، قال تعالى: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا (الأحقاف: 15)، فإذا حذفنا مدة الإرضاع الكاملة، وهي حولان، أي: 24 شهرًا من ثلاثين شهرًا، التي هي مدة الحمل والإرضاع معًا، فإنه يبقى ستة أشهر للحمل، وهي أقل مدة للحمل، يمكن للجنين أن يبقى حيًا إذا وُلد بتمامها.

ويأتي العلم ليقرر: أن أقل مدة الحمل، يمكن أن يبقى بعدها الجنين حيًا إذا ولد بتمامها، هي ستة أشهر؛ إذ إن الولادة قبلها تسمى (إسقاطًا)، والجنين في هذه المرحلة غير قابل للبقاء حيًا، وأما الولادة بعدها، وقبل تمام الحمل لتسعة أشهر، فإنها تسمى (خداجًا) أو ولادة مبكرة، والخداج قابل للبقاء حيًا، لكن الطب يوصي بعناية خاصة به، وهذه المدة هي المعتبرة قانونيًا في محاكم معظم الدول العالمية. (مجلة الشريعة – العدد 35 صـ35: صـ36).

(18) أغشية الجنين:

ثبت علميًا أن الجنين في بطن أمة محاط بثلاثة أغشية، وهذه الأغشية تظهر بالعين المجردة كأنها غشاء واحد، وهذه الأغشية هي التي تسمى: 1ـ الغشاء المنباري 2ـ الخوربون 3ـ الفائضي. قال تعالى: يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ (الزمر:6) (التبيان للصابوني صـ 132:131).

(19) نوع المولود:

أثبت علم الوراثة الحديث أن جنس المولود إنما يتحدد أساسًا من الحيوان المنوي، لا من البويضة، ويتفق ذلك مع سياق الآيات بشكل يؤكد إعجازها. قال تعالى: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى (القيامة: 37- 39)، ومن ناحية أخرى فإن ارتباط جنس المولود بحيوان معين من ضمن ملايين الحيوانات (350 مليونًا في قذفة) يقطع باستحالة التنبؤ البشرى ـ فضلاً عن التحكم في جنس نطفة تحملها أنثى، مما يؤكد عجز العلم وإعجاز قدرة الله تعالى الذي خص نفسه بمعرفة ما تغيض الأرحام. (كشاف الإعجاز العلمي لنبيل هارون صـ 67:66)

(20) لكل إنسان رائحة خاصة:

أظهر الطب الشرعي الحديث أن لكل إنسان رائحة مميزة عن غيره من سائر البشر، تمامًا كبصمات الأصابع، ومن هنا تستخدم الكلاب البوليسية في تعقب المجرمين، وهذا يتفق تمامًا مع ما جاء في سورة يوسف من أن الله تعالى قد اختص نبيه يعقوب بهذه الكرامة. يقول الله تعالى: وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَنْ تُفَنِّدُونِ (يوسف:94). (كشاف الإعجاز العلمي لنبيل هارون صـ 31).

(21) لكل إنسان بصمات أصابع خاصة به:

أثبت العلم الحديث عدم تشابه بصمات إنسان مع بصمات إنسان آخر، ولذا فقد استخدم العلماء هذه البصمات في الكشف عن الجناة قال تعالى: بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (القيامة:4) (التبيان للصابوني صـ 133:132).

و الحمد لله رب العالمين.

مجلة التوحيد : العدد 474 – 1432هـ

عدد المشاهدات 6726