مناقب طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

2012-07-18

زكريا حسينى

مناقب طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

 الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه إلى يوم الدين، وبعد:

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إلى شَهِيدٍ يَمْشي عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ فَلْينْظُرْ إلى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ). وفي رواية: (من سَرَّهُ).

هذا الحديث أخرجه الإمام الترمذي في جامعه في أبواب المناقب باب مناقب أبي محمد طلحة بن عبيد الله برقم (3739)، وأخرجه الإمام ابن ماجه في السنة باب فضل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه برقم (125)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (126) وقد ذكر طرقه وشواهده وعزاه للطيالسي في مسنده، والواحدي في الوسيط والبغوي في التفسير، ثم قال: وبالجملة فالحديث بهذه الطرق والشواهد يرتقي إلى درجة الصحة، وهي وإن اختلفت ألفاظها فالمؤدى واحد، وقد ثبته الحافظ في الفتح (8/398 - ط بولاق)، والله أعلم. كما صححه في صحيح الجامع برقم (5962)، وعزاه للترمذي والحاكم.

أولاً: ترجمة طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه:

هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، أبو محمد القرشي التيمي. كذا في أسد الغابة والاستيعاب، وسير أعلام النبلاء. وأمه الحضرمية، اسمها الصعبة بنت عبد الله بن مالك أخت العلاء، يعرف بطلحة الخير وطلحة الفيَّاض.

قال الإمام الذهبي: أحد العشرة المشهود لهم بالجنة. ثم قال: قال أبو عبد الله بن منده: كان رجلاً آدم، كثير الشَّعْر، ليس بالجعد القططِ ولا بالسَّبْطِ، حسن الوجه، إذا مشى أسرع، ولا يغير شعره. ثم قال الذهبي: قلت: كان ممن سبق إلى الإسلام، وأوذي في الله. ثم هاجر.

وقال ابن عبد البر عن الواقدي قوله: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يخرج من المدينة إلى بدرٍ طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد إلى طريق الشام يتجسَّسَان الأخبار، ثم رجعا إلى المدينة فقدماها يوم وقعة بدر فلم يشهدها، فكلم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في سهمه، فقال: (لك سهمك)، قال: وأجري؟ قال: (وأجرك).

قال ابن الأثير: وشهد أحدًا وما بعدها من المشاهد، وبايع بيعة الرضوان، وأبلى يوم أحد بلاءً عظيمًا، ووقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه، واتقى عنه النَّبْلَ بيده حتى شُلَّتْ أصبعه، وضُرِبَ على رأسه وحَمَل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على ظهره حتى صعد الصخرة. ثم ساق بسنده عن موسى بن طلحة عن أبيه طلحة قال: سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: طلحة الخير، ويوم العَشيرة طلحة الفيَّاض، ويوم حنين طلحة الجود. وعند الذهبي، (ويوم خيبر) بدلاً من (يوم حنين).

قال الإمام الذهبي: وأخرج النسائي عن جابر قال: لما كان يوم أُحد، وولَّى الناس، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية في اثني عشر رجلاً منهم طلحة فأدركهم المشركون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن للقوم؟) قال طلحة: أنا، قال: (كما أنت). فقال رجل: أنا، قال: (أنت). فقاتل حتى قُتِل، ثم الْتفتَ فإذا المشركون، فقال: من لهم؟ قال طلحة: أنا، قال: (كما أنت). فقال رجل من الأنصار: أنا، قال: (أنت)، فقاتل حتى قُتِلَ، فلم يزل كذلك حتى بقي مع نبي الله صلى الله عليه وسلم طلحة، فقال: (مَن للقوم؟) قال: طلحة: أنا، فقاتل طلحة قتال الأحد عشر، حتى قطعت أصابعه، فقال: (حَسِّ)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو قلت: بِسْم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون)، ثم ردَّ الله المشركين. قال الذهبي عقبه: رجاله ثقات.

وساق الذهبي أيضًا عن قبيصة بن جابر قال: صحبت طلحة، فما رأيتُ أَعْطَى لجزيل مال من غير مسألة منه. ثم روى عن موسى بن طلحة عن أبيه أنه أتاه مال من حضرموت سبعمائة ألف، فبات ليلته يتململ، فقالت له زوجته: مَا لَكَ ؟ قال: تفكرت منذ الليلة، فقلت: ما ظن رجل بربه يبيت وهذا المال في بيته؟ قالت: فأين أنت عن بعض أَخِلاَّئِكَ فإذا أصبحت فادع بجفان وقصاع فقسمه، فقال لها: رحمك الله، إنك موفقة بنت موفق - وهي أم كلثوم بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها - فلما أصبح دعا بجفان فقسمها بين المهاجرين والأنصار، فبعث إلى عليٍّ منها بجفنة، فقالت له زوجته: أبا محمد ! أما كان لنا في هذا المال من نصيب ؟ قال: فأين كنتِ منذ اليوم ؟ فشأنك بما بقي، قالت: فكانت صرة فيها نحو ألف درهم.

وأورد الذهبي أبياتًا قال: أنشدها الرياضي لرجل من قريش، قال فيها:

أَيَا سَائلي عن خِيار العِبادِ

صَادَفْتَ ذَا الْعلم والخِبْرُهْ

خيارُ العبادِ جميعًا قريشٌ

وَخَيْرُ قريشٍ ذَوُو الهِجْرَه

وَخَيْرُ ذَوِي الهِجرة السابقونَ

ثمانيةٌ وحدهم نُصْرَهْ

عَليٌّ وعُثمانُ ثم الزَّبيرُ

وطَلَحةُ واثنانِ مِنْ زُهْرَهْ

وَبَرَّانِ قَدْ جَاورَا أحمدًا

وجَاوَرَ قبرُهُمَا قَبْرَهْ

فمَنْ كَانَ بَعدَهُمُ فَاخِرًا

فلا يَذْكُرَنْ بَعْدَهُمْ فَخْرَهْ

قُتِلَ طلحةُ رضي الله عنه يوم الجمل قتله مروان، رماه بسهم فقتله.

قال ابن الأثير: قال الشعبي: لما قتل طلحة ورآه علي مقتولاً جعل يمسح التراب عن وجهه، وقال: عزيز عليَّ أبا محمد أن أراك مُجَدَّلا تحت نجوم السماء، ثم قال: إلى الله أشكو عُجَرِي وبُجَرِي، وترحم عليه، وقال: ليتني متُّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة، وبكى هو وأصحابه عليه، قال: وسمع عليٌّ رجلاً ينشد:

فتًى كان يدنيه الغنى من صديقه

إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر

فقال: ذاك أبو محمد طلحة بن عبيد الله رحمه الله.

وقال ابن الأثير أيضًا: وروي عن عليٍّ أنه قال: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة وعثمان والزبير ممن قال الله فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} (الحجر: 47).

قال الذهبي: وكان قتله في سنة ست وثلاثين في جمادى الآخرة، وقيل: في رجب، وهو ابن اثنتين وستين سنة أو نحوها.

ثانيًا: شرح الحديث

في هذا الحديث شهادة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لطلحة بالشهادة في سبيل الله، وهي منقبة عظيمة لهذا الصحابي الجليل، كما أنها تعد من أعلام النبوة، فهي معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم فقد استشهد طلحة يوم الجمل، فأعلم النبي صلى الله عليه وسلم من كان حاضرًا من أصحابه أن طلحة كتبت له الشهادة مع أنه على قيد الحياة يمشي على الأرض، فمن أحبَّ من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة، هذا بالإضافة إلى الحديث الآخر الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اِهْدَأْ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد). ففي هذا الحديث أيضًا بشارة لطلحة مع إخوانه المذكورين بالشهادة، فليهنأ بها طلحة ولتقر بها عينه، ولترغم أنوف من يتنقصون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله عنهم، ولتملأ أفواههم بالتراب، وليبشروا بعذاب الله إن كان يغيظهم ذكر هؤلاء السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار.

ثالثًا: مناقب طلحة رضي الله عنه:

بالإضافة إلى ما سبق في شأن طلحة مما سطره أهل الحق من علماء السنة والجماعة، مما ورد عن الأثبات من الصحابة والتابعين وتابعيهم من أهل الأثر في فضائل هذا الصحابي الجليل، وكذا ما ثبت في كتاب الله في شأن هذا الجيل الذي صحب خير البرية صلى الله عليه وسلم، فإن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه من السابقين إلى الإسلام، والله عز وجل قال: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة: 100).

وهو من الذين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والله تعالى يقول: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الفتح: 29).

وطلحة صحابي من الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، وقال الله تعالى فيهم: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (الفتح: 18). وهو من الذين خوطبوا بقول الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} (آل عمران: 110)، وهو من أوائل من خوطبوا بقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (البقرة: 143)، وهو ممن وعدهم الله الحسنى كما قال تعالى: {لاَ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (الحديد: 10)، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي جاءت في بيان فضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

ومما ورد في فضل الصحابة رضي الله عنهم عمومًا قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحدٍ ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه). (متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه). ومن ذلك أيضًا ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقولون: فيكم مَن صَاحَبَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون لهم: نعم، فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس، فيقال: فيكم من صَاحَبَ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال: فيكم من صَاحَبَ من صَاحَبَ أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم). (متفق عليه). وغير ذلك من الأحاديث كثير.

يضاف إلى ذلك كله بعض المناقب الخاصة بطلحة بن عبيد الله رضي الله عنه:

أ- ثبات طلحة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عن أبي عثمان قال: (لم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض تلك الأيام التي قاتل فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم غير طلحة وسعد عن حديثهما). (متفق عليه).

قال الحافظ في الفتح: (في بعض تلك الأيام). يريد يوم أُحد، وقوله: (عن حديثهما) أي: أنهما حدَّثا بذلك. وقال: ووقع في فوائد أبي بكر بن المقري من وجه آخر عن معتمر بن سليمان عن أبيه: فقلت لأبي عثمان: وما علمك بذلك ؟ قال: هما أخبراني بذلك.

ب- دفاع طلحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عن قيس بن أبي حازم قال: رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم قد شَلَّتْ. (أخرجه البخاري 3724). قال الحافظ في الفتح: (والتي وقى بها) أي يوم أحد، صرح بذلك عليّ بن مسهر عند الإسماعيلي، وعند الطبراني من طريق موسى بن طلحة عن أبيه أنه أصابه في يده سهمٌ. ومن حديث أنس: (وقى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد بعض المشركين أن يضربه). وفي رواية عند ابن المبارك في الجهاد عن يعقوب بن إبراهيم عن محمد بن طلحة عن أبيه قال: أصيب إصبع طلحة البنصر من اليسرى من مفصلها الأسفل فَشَلَّتْ، تَرَّسَ بها على النبي صلى الله عليه وسلم.

جـ- طلحة أَوْجَبَ الجنة، أي لنفسه بعمله:

عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد درعان فنهض إلى صخرة فلم يستطع، فأقعد تحته طلحة، فَصَعِدَ النبي صلى الله عليه وسلم حتى استوى على الصخرة، فقال (أي الزبير): سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (أوجب طلحة). (أخرجه الترمذي وأحمد في المسند وابن حبان والحاكم وحسنه الألباني).

وقوله: (أوجب طلحة). قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: أي الجنة كما في رواية، والمعنى أنه أثبتها لنفسه بعمله هذا، أو بما فعل في ذلك اليوم؛ فإنه خاطر بنفسه يوم أُحد، وفدى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلها وقاية له حتى طُعن ببدنه، وجرح جميع جسده وشَلَّتْ يده. رضي الله عنه وأرضاه.

د- طلحة ممن قضى نحبه:

عن موسى وعيسى ابني طلحة عن أبيهما طلحة: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لأعرابي جاهل: سَلْهُ عمن قضى نحبه مَن هو ؟ وكانوا لا يجترئون هم على مسألته، يوقرونه ويهابونه، فسأله الأعرابي فأعرضَ عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم إني اطلعت من باب المسجد وعليَّ ثياب خُضْرٌ، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أين السائل عمن قضى نحبه؟) قال الأعرابي: أنا يا رسول الله، قال: (هذا ممن قضى نحبه). (أخرجه الترمذي وصححه الألباني).

وأخرج الترمذي وابن ماجه عن معاوية رضي الله عنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (طلحة ممن قضى نحبه). وكذا ابن عساكر كما عزاه إليه الألباني في صحيح الجامع عن عائشة رضي الله عنها، وصححه رحمه الله تعالى.

هـ- طلحة في الجنة، وإن رغمت أنوف الروافض والشانئين:

عن سعيد بن زيد وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة). (حديث سعيد بن زيد أخرجه الإمام أحمد، وحديث عبد الرحمن بن عوف أخرجه الترمذي، وصححهما الألباني في صحيح الجامع).

و- طلحة ممن بشروا بالشهادة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراءٍ هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد). (أخرجه مسلم والترمذي وأحمد).

ز- طلحة ممن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ:

لما طُعن عمر رضي الله عنه، وقيل له: أَوْصِ يا أمير المؤمنين اسْتَخْلِفْ، قال: ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر - أو الرهط - الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، فسمى عليًا، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعيدًا، وعبد الرحمن. (أخرجه البخاري).

وبعد، فهذا بعض ما ورد في مناقب أبي محمد طلحة بن عبيد الله، رضي الله عنه وأرضاه، فهل يفهم دعاة التقريب الذين يسمعون ليلاً ونهارًا سب هؤلاء الأصحاب وخاصة هؤلاء العشرة، ومن يلعنهم بأسمائهم واحدًا واحدًا، ثم يجمعهم ويجمع معهم في اللعن أهل السنة والجماعة، هؤلاء اللاعنون الحمقى الذين يتنكرون لكل نصٍ ناصع بَيِّنٍ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويكذبون على الله ورسوله، بل يُكذِّبون اللهَ ورسولَه، فهل يجوز لمسلم أن يصدقهم أو أن يتفق معهم في قليل أو كثير؟ إن تقريب السنة لأهل الرفض من الشيعة ولا سيما الاثنا عشرية، معناه الجمع بين المتناقضين، وهذا محال، أو هدم الإسلام والإتيان عليه من قواعده، وهذا لن يكون، لأن الله تعالى حافظ دينه وكتابه وسنة نبيه ومعلٍ كلمته ومظهر دينه ولو كره الكافرون.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجمع المسلمين على الحق ويوحد صفوفهم تحت راية التوحيد، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

عدد المشاهدات 11979