قضية فلسطين اعترافات وحقائق … تصريحات ووثائق

2010-09-21

صفوت الشوادفى

الحمد لله .. والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فإن فلسطين دولة إسلامية ، وبلد عربية ، لا يختلف في ذلك عاقلان ، ولا يتناطح عليه عنزان!!

واليهود أول الناس اعترافًا بهذه الحقيقة ! وأول الناس إنكارًا لها ! لأنهم - كما قلنا - قوم بهت ينكرون ما يعرفون . وفي تصريحات أول رئيس وزراء لإسرائيل ؛ وهو بن جوريون دليل ساطع ، وبرهان قاطع على ما نقول .

يقول بن جوريون : ( لسنا عميانًا ، إننا على علم أكيد بأن فلسطين ليست بلدًا خاويًا ؛ بل إننا نعرف أن ملايين العرب يسكنون في الأراضي الواقعة بين ضفتي نهر الأردن الشرقية والغربية ، كما أن هناك ملايين وملايين العرب من الذين قطنوا فلسطين منذ ألوف السنين ، وأنهم يعتبرون أنفسهم بحق أبناء فلسطين ) .

ويزيد الأمر وضوحًا وجلاءً فيقول : ( ليس العرب في حاجة إلى شراء أراضي فلسطين ؛ لأنها أراضيهم ، وليسوا في حاجة إلى هجرة عرب إلى فلسطين ؛ لأنهم أصحابها الشرعيين ، وهم يقيمون فيها ، إن كل شيء في فلسطين هو ملك العرب ما عدا الحكومة !!) (1) .

وبالرغم من هذا الاعتراف الصحيح الصريح ، فقد استولى اليهود على أرض فلسطين ، وهنا تجدر الإشارة إلى حقيقة مهمة مضمونها : أن احتلال اليهود لفلسطين ليس هدفهم النهائي ، وإنما هي فقط أرض الميعاد كما جاء في التوراة المحرفة !! وإن إقامة دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات ليس هدفًا نهائيًا لليهود كما تزعم كتبنا وأقلامنا ؟! وإنما هي فقط مرحلة الاستيلاء على منابع المياه ، وهو هدف إستراتيجي هام لليهود لا يقل عن الاستيلاء على مصادر الذهب ، ومصادر البترول !

ولكن الهدف الحقيقي والنهائي الذي يتقرب به اليهود إلى الشيطان هو السيطرة على العالم كله، واحتلال العالم كله ، بحيث لا يحكم العالم إلا حكومة واحدة كلها من اليهود ! ولذلك فإن من يفهم عقيدة اليهود ، وطبيعة اليهود سيجد أن ما يفعلونه الآن في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة ، هو أمر طبيعي ومألوف عندهم ؛ لأنه تطبيق حرفي لعقيدتهم وإن كانت باطلة ، وإليك الدليل من كتاب اليهود المقدس ( التلمود) .

يقول ( التلمود) : ( يجب على كل يهودي أن يسعى لأن تظل السلطة على الأرض لليهود دون سواهم ، وقبل أن يحكم اليهود نهائيًا باقي الأمم ، يجب أن تقوم الحرب على قدم وساق ، ويهلك ثلثا العالم ، وسيأتي المسيح الحقيقي ، ويحقق النصر القريب ، وحينئذ تصبح الأمة اليهودية غاية في الثراء ؛ لأنها تكون قد ملكت أموال العالم جميعًا ، ويتحقق أمل الأمة اليهودية بمجيء إسرائيل ، وتكون هي الأمة المتسلطة على باقي الأمم عند مجيء المسيح )(2) .

وعندما يسعى اليهود لتحقيق أهدافهم الدينية ، فإنهم لا يبدءون باحتلال الأرض ، وإنما باحتلال العقل ! ويحتل اليهود العقول عن طريق فتح الحدود الثقافية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية حتى تصبح ثروات المسلمين ركازًا لهم ، وجامعاتهم ومؤسساتهم الثقافية أوكارًا لأفكارهم ، وبلاد المسلمين أسواقًا لبضائعهم ، ويتحول المسلمون في نهاية الأمر إلى عمال كادحين تابعين لمؤسسات يهودية ، وشركات يهودية ، وبنوك يهودية ، وحكومات إسلامية ! وهنا يتساءل القارئ : إذا كان هذا هو هدف اليهود وعقيدتهم ، فأين دور أمريكا راعية السلام كثيرة الكلام ، والمدافعة عن حقوق الإنسان والحيوان والحشرات والهوام ؟!!

وهو سؤال مهم ، وجوابه أهم ..

أمريكا .. واليهود :

يخطئ من يعتقد أن أمريكا تقف على الحياد بين العرب وإسرائيل ، ويخطئ - كذلك - من يعتقد أن أمريكا ودول الغرب يقفون بجانب إسرائيل !!

أما الحقيقة التي لا مراء فيها فهي أن أمريكا بعد أن احتل اليهود عقول حكامها قد أصبحت أشد حرصًا على تحقيق أهداف اليهود ، من حرص اليهود على تحقيق أهدافهم !!

حتى إن الأمريكان المتدينين يعيبون على اليهود فكرة تخليهم عن الضفة الغربية ، ويعتبرون ذلك كبيرة من الكبائر !!

يقول مايك إيفانز - قسيس أمريكي أصولي - : ( إن تخلي إسرائيل عن الضفة الغربية سوف يجر الدمار على إسرائيل ، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية من بعدها ولو تخلت إسرائيل عن الضفة الغربية وأعادتها للفلسطينيين ، فإن هذا يعني تكذيبًا بوعد الله في التوراة !! وهذا سيؤدي إلى هلاك إسرائيل ، وهلاك أمريكا من بعدها ، إذا رأتها تخالف كتاب الله وتقرها على ذلك !! ) .

أي أن هذا القسيس الأمريكي يطالب أمريكا بمنع إسرائيل بقوة من التنازل عن الضفة الغربية؛ وذلك من باب تغيير المنكر ، وعدم السكوت عليه !

ويقول جيري فولويل - وهو صديق نصراني للرئيس بوش - : ( إن الولايات المتحدة الأمريكية جمهورية نصرانية يهودية !! ) .

بل يقول : ( إن الوقوف ضد إسرائيل هو وقوف ضد الله !! ) ويضيف : ( إنه لا يحق لإسرائيل أن تتنازل عن شيء من أرض فلسطين ؛ لأنها أرض التوراة التي وعد الله بها شعبه) .

ولقد نجح اليهود في اختراق عقول حكام أمريكا ، وصانعي القرار في الدول الغربية نجاحًا عجيبًا ، حتى إنهم استطاعوا إقناع الرئيس ولسون الذي كان يحكم أمريكا أثناء الحرب العالمية الأولى بأن عدد اليهود في العالم مائة مليون ، بينما كانوا في الواقع أحد عشر مليونًا فقط ! وقد تبين أن الدافع وراء إصدار بلفور لوعده المشئوم هو أنه كان يؤمن بالتوراة إيمانًا عميقًا ويقرأها ، ويصدق بها حرفيًّا ! بل كان رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت ، وهو ( لويد جورج ) يقول عن نفسه : ( إنه صهيوني ، وإنه يؤمن بما جاء في التوراة من ضرورة عودة اليهود ، وأن عودة اليهود مقدمة لعودة المسيح ) .

والعجيب في هذه القضية أن جميع رؤساء أمريكا السابقين  واللاحقين ؛ وكذلك الدول الغربية ينظرون إلى المشكلة على أنها قضية دينية ينبغي الالتزام حيالها بما جاء في التوراة ، بينما ينظر إليها معظم حكام البلاد العربية والإسلامية على أنها مشكلة قومية أو شرق أوسطية ينبغي الالتزام حيالها بما تمليه الشرعية الدولية - أي التوراة المحرفة - يقول الرئيس (كارتر) كما في كتاب ( البُعد الديني ) : ( لقد آمن سبعة رؤساء أمريكيين ، وجسدوا هذا الإيمان بأن علاقات الولايات المتحدة الأمريكية مع إسرائيل هي أكثر من علاقة خاصة ؛ بل هي علاقة فريدة ؛ لأنها متجذرة في ضمير وأخلاق ودين ومعتقدات الشعب الأمريكي نفسه، لقد شكل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية مهاجرون طليعيون ، ونحن نتقاسم التوراة ) (3) .

ويقول الرئيس ( ريجان ) : ( إنني دائمًا أتطلع إلى الصهيونية كطموح جوهري لليهود ، وبإقامة دولة إسرائيل تمكن اليهود من إعادة حكم أنفسهم بأنفسهم في وطنهم التاريخي ليحققوا بذلك حلمًا عمره ألفا عام ) ، ومن قبله قال الرئيس الأمريكي ( نيكسون ) ( عندما كانت أمريكا ضعيفة وفقيرة منذ مائتي سنة مضت كانت عقيدتنا هي المبقية علينا ، وعلينا ونحن ندخل قرننا الثالث ، ونستقبل الألف سنة المقبلة ، أن نعيد اكتشاف عقيدتنا ، ونبث فيها الحيوية) (4) .

ومن بعدهم قال ( كلينتون) في خطابه أمام القيادات اليهودية عام 1992 م : ( إنني أعتقد أنه يتوجب علينا الوقوف إلى جانب إسرائيل في محاولاتها التاريخية لجمع مئات الألوف من المهاجرين لمجتمعها ودولتها ) .

بل إنه يوجد في القدس منظمة نصرانية تنتشر فروعها في جميع أنحاء العالم ، وهي من أشد المنظمات خطرًا وضررًا ، وتسمى نفسها ( السفارة المسيحية الدولية ) ، ويقول مؤسسها : ( إننا صهاينة أكثر من الإسرائيليين أنفسهم !! وإن القدس هي المدينة الوحيدة التي تحظى باهتمام الله ، وإن الله قد أعطى هذه الأرض لإسرائيل إلى الأبد ! ) .

وتعتقد هذه المنظمة أن الضفة الغربية وقطاع غزة حقوق أعطاها الرب للشعب اليهودي !!

فهل بعد كل هذه الحقائق يطمع العرب المسلمون أن تحل أمريكا المشكلة ويتخلى رؤساؤها وصانعو القرار فيها عن عقيدتهم الدينية .

والعجيب في هذه القضية أن حكامنا المؤمنين بالقرآن ، يطالبون حكام أمريكا والغرب واليهود أن يكفروا بالتوراة !! عندما يطلبون منهم التنازل عن بعض أرض الميعاد للفلسطينيين !! ولن يكفر اليهود بنصوص التوراة المحرفة إلا إذا ولج الجمل في سم الخياط !! أو رفع حكامنا راية الجهاد .

ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله القوي العزيز .

والله يقول الحق ، وهو يهدي السبيل .

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه .

 ---------------------------

(1) مجلة رابطة العالم الإسلامي - ربيع أول 1410 هـ / يناير 1981 م .

(2)  المقصود بالمسيح المنتظر عند اليهود ؛ هو المسيح الدجال الذي سيقتله المسيح عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، في آخر الزمان .

(3)  (البعد الديني في السياسية الأمريكية) د . يوسف الحسن (ص76) .

(4) (1999 نصر بلا حرب) تأليف الرئيس نيكسون (ص284)

عدد المشاهدات 5422